responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 133
الثَّابِتُ بِيَقِينٍ بِالشَّكِّ اهـ.
وَهَكَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَاعْلَمْ أَنَّ تَفْسِيرَ الْفَسَادِ بِعَدَمِ الطَّهُورِيَّةِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْعَرَقِ وَاللُّعَابِ طَاهِرًا كَيْفَ يَخْرُجُ الْمَاءُ بِهِ عَنْ الطَّهُورِيَّةِ مَعَ أَنَّهُ فَرْضٌ قَلِيلٌ وَالْمَاءُ غَالِبٌ عَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْأَشْبَهَ مَا ذَكَرَهُ قَاضِي خان فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ نَجِسٌ وَعُفِيَ عَنْهُ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ لِلضَّرُورَةِ فِي الْمَاءِ كَمَا لَا يَخْفَى فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَرَقِ وَالسُّؤْرِ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طَاهِرٌ، وَإِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ أَوْ الْبَدَنَ لَا يُنَجِّسُهُ، وَإِذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ صَارَ مُشْكِلًا وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْعَرَقَ وَاللُّعَابَ مَشْكُوكٌ فِيهَا اهـ.
فَظَهَرَ بِهَذَا كُلِّهِ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ الْعَرَقَ كَالسُّؤْرِ عَلَى إطْلَاقِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ وَظَهَرَ بِهِ أَيْضًا أَنَّ مَا نَقَلَهُ الْأَتْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْبَزْدَوِيِّ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى طَهَارَةِ عَرَقِهِ فَلَيْسَ مِمَّا يَنْبَغِي وَكَأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّهَا هِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهَا الْحَالُ.

(قَوْلُهُ: وَسُؤْرُ الْآدَمِيِّ وَالْفَرَسِ وَمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرٌ) أَمَّا الْآدَمِيُّ؛ فَلِأَنَّ لُعَابَهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ لَحْمٍ طَاهِرٍ، وَإِنَّمَا لَا يُؤْكَلُ لِكَرَامَتِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُنُبِ وَالطَّاهِرِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى كَذَا ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَعْنِي أَنَّ الْكُلَّ طَاهِرٌ طَهُورٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُجْتَبَى مِنْ بَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ أَنَّهُ يَكْرَهَ سُؤْرُ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ وَسُؤْرُهُ لَهَا وَلِهَذَا لَمْ يُذْكَرُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ الْكَرَاهَةُ الْمَذْكُورَةُ إنَّمَا هُوَ فِي الشُّرْبِ لَا فِي الطَّهَارَةِ وَاسْتَثْنَوْا مِنْ هَذَا الْعُمُومِ سُؤْرَ شَارِبِ الْخَمْرِ إذَا شَرِبَ مِنْ سَاعَتِهِ، فَإِنَّ سُؤْرَهُ نَجِسٌ لَا لِنَجَاسَةِ لَحْمِهِ بَلْ لِنَجَاسَةِ فَمه كَمَا لَوْ آدَمِيٌّ فُوهُ أَمَّا لَوْ مَكَثَ قَدْرَ مَا يَغْسِلُ فَمَه بِلُعَابِهِ ثُمَّ شَرِبَ لَا يَنْجُسُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالتَّجْنِيسِ رَجُلٌ شَرِبَ الْخَمْرَ إنْ تَرَدَّدَ فِي فِيهِ مِنْ الْبُزَاقِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْخَمْرُ عَلَى ثَوْبٍ طَهَّرَهَا ذَلِكَ الْبُزَاقُ طَهُرَ فَمُهُ. اهـ.
وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ الصَّبِّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِلضَّرُورَةِ وَنَظِيرُهُ لَوْ أَصَابَ عُضْوَهُ نَجَاسَةٌ فَلَحِسَهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ أَثَرُهَا أَوْ قَاءَ الصَّغِيرُ عَلَى ثَدْيِ أُمِّهِ ثُمَّ مَصَّهُ حَتَّى زَالَ الْأَثَرُ طَهُرَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي جَمِيعِهَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي بَعْضِ شُرُوحِ الْقُدُورِيِّ، فَإِنْ كَانَ شَارِبُ الشَّارِبِ طَوِيلًا يُنَجِّسُ الْمَاءَ، وَإِنْ شَرِبَ بَعْدَ سَاعَاتٍ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ الطَّوِيلَ كَمَا تَنَجَّسَ لَا يَطْهُرُ بِاللِّسَانِ اهـ.
وَكَأَنَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ اللِّسَانُ مِنْ اسْتِيعَابِهِ بِإِصَابَةٍ بَلَّهُ إيَّاهُ بِرِيقِهِ ثُمَّ أَخْذُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْبِلَّةِ النَّجِسَةِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَإِلَّا فَهُوَ لَيْسَ دُونَ الشَّفَتَيْنِ وَالْفَمِ فِي تَطْهِيرِهِ بِالرِّيقِ تَفْرِيعًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي جَوَازِ التَّطْهِيرِ مِنْ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمَاءِ كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي
فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَنَجَّسَ سُؤْرُ الْجُنُبِ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ الْمُسْتَعْمَلِ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِهِ قُلْنَا مَا يُلَاقِي الْمَاءَ مِنْ فَمِهِ مَشْرُوبٌ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَشْرُوبٍ لَكِنْ لِحَاجَةٍ فَلَا يُسْتَعْمَلُ بِهِ كَإِدْخَالِ يَدِهِ فِي الْحُبِّ لِإِخْرَاجِ كُوزِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْمِيَاهِ وَقَدْ نَقَلُوا رِوَايَتَيْنِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ بِهَذَا الشُّرْبِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ أَنَّهُ رَافِعٌ فَلَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا لِلْحَرَجِ لَكِنْ صَرَّحَ يَعْقُوبُ بَاشَا بِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْفَرْضَ لَا يَسْقُطُ بِهِ وَيَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ سُؤْرِ الْآدَمِيِّ مُطْلَقًا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ فَشَرِبَ ثُمَّ أَعْطَى الْأَعْرَابِيَّ وَقَالَ الْأَيْمَنُ فَالْأَيْمَنُ» وَرَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ «عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كُنْت أَشْرَبُ وَأَنَا حَائِضٌ فَأُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِي» وَلَمَّا أَنْزَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْضَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَكَّنَهُ مِنْ الْمَبِيتِ فِيهِ عَلَى مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] النَّجَاسَةُ فِي اعْتِقَادِهِمْ وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقِيَ حُذَيْفَةَ فَمَدَّ يَدَهُ لِيُصَافِحَهُ فَقَبَضَ يَدَهُ وَقَالَ إنِّي جُنُبٌ فَقَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ اعْرَوْرَى الْمُتَعَدِّي حُذِفَ مَفْعُولُهُ لِلْعِلْمِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْعَرَقِ وَاللُّعَابِ نَفْسِهِمَا فَيَكُونُ الشَّكُّ فِي طَهَارَتِهِمَا إذْ لَا طَهُورِيَّةَ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَاءُ الَّذِي أَصَابَهُ الْعَرَقُ وَاللُّعَابُ مَشْكُوكٌ فِيهِ أَيْ فِي طَهُورِيَّتِهِ تَأَمَّلْ.

[طَهَارَة سُؤْرُ الْآدَمِيِّ وَالْفَرَسِ وَمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]
(قَوْلُهُ: إنَّهُ يُكْرَهُ سُؤْرُ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ وَسُؤْرُهُ لَهَا) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالْمَحَارِمِ وَسَيَأْتِي حَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - مُصَرِّحًا بِالْأُولَى (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ فِي الشُّرْبِ لَا فِي الطَّهَارَةِ) أَيْ لَيْسَ لِعَدَمِ طَهَارَتِهِ بَلْ لِلِاسْتِلْذَاذِ الْحَاصِلِ لِلشَّارِبِ إثْرَ صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ مَكَثَ قَدْرَ مَا يَغْسِلُ فَمَه بِلُعَابِهِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: حَتَّى لَوْ شَرِبَ بَعْدَ شُرْبِهِ الْخَمْرَ فَوْرًا كَانَ سُؤْرُهُ نَجِسًا إلَّا أَنْ يَبْلَعَ رِيقَهُ ثَلَاثًا عِنْدَ الْإِمَامِ قِيلَ وَالثَّانِي وَيَسْقُطُ اشْتِرَاطُ الصَّبِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَالتَّقْيِيدُ بِالثَّلَاثِ جَرَى عَلَيْهِ كَثِيرٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ صَرَّحَ يَعْقُوبُ بَاشَا بِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْفَرْضَ لَا يَسْقُطُ بِهِ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 133
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست